دعوة أممية للتحقيق في أعمال عنف اجتاحت جنوب سوريا
دعوة أممية للتحقيق في أعمال عنف اجتاحت جنوب سوريا
دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، اليوم الجمعة، إلى إجراء تحقيق عاجل ومستقل في أعمال العنف الدامية التي اجتاحت جنوب سوريا، وخصوصًا محافظة السويداء، خلال الأيام الأخيرة، والتي أوقعت قرابة 600 قتيل، في واحدة من أكثر الحوادث دموية منذ سنوات.
طالب تورك، في بيان رسمي، بضرورة وقف نزيف الدم فورًا، مؤكدًا أن "حماية الأرواح يجب أن تكون أولوية مطلقة".
وشدد على أن التحقيقات التي يجب إجراؤها يجب أن تكون "مستقلة وسريعة وشفافة"، لضمان محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحق المدنيين.
وأكد المسؤول الأممي أن الانتقام والثأر ليسا حلاً، محذرًا من أن غياب العدالة والمحاسبة لن يؤدي إلا إلى دورات متكررة من العنف والفوضى.
الجيش السوري ينسحب
شهدت مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية معارك عنيفة خلال الأيام الماضية، قبل أن تنسحب القوات الحكومية السورية منها يوم الخميس، بحسب تقارير ميدانية.
وأسفرت الاشتباكات بين الجيش وفصائل محلية ومسلحين عن مقتل ما لا يقل عن 600 شخص، بينهم نساء وأطفال، فضلًا عن وقوع أعمال عنف جماعية شملت نهبًا وحرقًا لمنازل المدنيين.
وسلط بيان المفوض السامي الضوء على "انتهاكات وإساءات واسعة النطاق"، بما في ذلك الإعدامات خارج نطاق القانون، والقتل التعسفي، والخطف، وتدمير الممتلكات، والنهب، مشيرًا إلى أن مرتكبي هذه الانتهاكات يضمون عناصر من القوى الأمنية، وميليشيات محلية بعضها تابع للسلطة، إضافة إلى مقاتلين من البدو والدروز.
تفاقم الأزمة الإنسانية
أدى تصاعد العنف إلى حركة نزوح جماعي واسعة النطاق، حيث فر المئات من منازلهم خوفًا من الاستهداف أو الاعتقال أو الانتقام، وسط غياب شبه كامل للمساعدات الإنسانية، وانعدام الأمان في مناطق الاشتباك.
وتُعد السويداء، رغم بقائها نسبيًا خارج دائرة النزاع المفتوح منذ عام 2011، منطقة توتر متصاعد بسبب الاحتقان بين السكان المحليين والسلطة المركزية في دمشق.
تعاني محافظة السويداء، الواقعة في الجنوب السوري، من تهميش اقتصادي وخدمي، وتُعرف بمواقفها الحيادية أو المعارضة للنظام السوري، وهو ما دفع السلطات خلال السنوات الأخيرة إلى تعزيز القبضة الأمنية فيها.
وتنشط في السويداء جماعات محلية مسلحة شكلها أبناء الطائفة الدرزية، تارة للدفاع عن الأهالي، وتارة أخرى كقوة ضغط على السلطة.
وكانت السويداء قد شهدت احتجاجات متكررة في السنوات الأخيرة، رفضًا للفساد وانهيار الاقتصاد، قابلتها السلطة بمزيج من الإهمال والقمع، إلى أن انفجرت الأوضاع الأمنية أخيرًا بهذا الشكل الدموي.
دعوات لمساءلة الجناة
تتسارع الدعوات الحقوقية والدولية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم في الجنوب السوري، مع التأكيد على أن مرتكبي الانتهاكات لا يمكن أن يفلتوا من العقاب.
ودعت منظمات حقوقية مستقلة إلى تدخل دولي لحماية المدنيين، وإرسال بعثات تحقيق ميدانية إلى السويداء وغيرها من مناطق التوتر.
ويأتي هذا التصعيد في وقت لا تزال فيه العملية السياسية مجمدة، وسط استمرار النظام السوري في الاعتماد على القوة الأمنية والعسكرية بدلًا من الحلول السياسية، ما يترك المدنيين في قلب العاصفة، دون حماية ولا أفق للنجاة.